انتشر في هذه الأيام فيديو للراحل الأنبا إبيفانيوس، يحوي أخطاء عقائدية وتاريخية، حاول من خلاله الترويج لفكرة خاطئة وهي إمكانية قبول الكاثوليك لممارسة الأسرار الأرثوذكسية دون إعادة معموديتهم.
وقد امتلأ الفيديو بعشرات المغالطات – سامحه الله – وقد تم الرد عليه قبل رحيله في عدة مقالات ولقاءات مسجلة منشورة على صفحتي. ونظرًا لأن البعض خُدع بهذه الطروحات، أعيد هنا نشر مختصر للرد في صيغة سؤال وجواب، يتبعها لاحقًا نشر الردود المفصلة بالمراجع والفيديوهات.
س1: هل رأى يعقوب البرادعي وثيؤدور أسقف العرب أنه يمكن قبول معمودية الكاثوليك بتتبع رسوليتهم حتى ما قبل مجمع نيقية؟
القديس إيريناؤس (130–200م) في كتابه ضد الهرطقات، يوضح أن ممارسة الأسرار مشروطة بالخلافة الرسولية، ويقول: “يجب الخضوع للكهنة الذين أقيموا في الكنيسة متسلسلين بحسب الخلافة من الرسل… أما الآخرون الذين لم ينالوا الكهنوت بخلافة رسولية ويجتمعون خارج الكنيسة… فيُحسبون هراطقة ومخادعين”.
كما أكد القديس كبريانوس (285م): “يلزم أولًا أن تتقدس المياه بواسطة الكاهن لتحل فيها قوة المعمودية”. فالمعمودية لا تصح بدون كاهن شرعي رسولية سيامته.
وقال القمص أثناسيوس المقاري: “كان الاعتقاد السائد أن المبتدعين، وإن مارسوا طقس المعمودية بصيغة قانونية، لم يعطوا الروح القدس، لأنهم منشقون عن الكنيسة”.
س2: هل يُفهم من رسالة القديس باسيليوس إلى أمفيلوخيوس قبول معمودية المنشقين؟
بالعكس، نصوص الرسالة، كما وردت في كتاب الشرع الكنسي (ص 884–885)، تؤكد أن المنشقين انقطعوا عن الخلافة الرسولية وفقدوا الروح القدس، وبالتالي لا يُقبل سرهم.
س3: هل قبل القديس ساويرس الأنطاكي والبابا تيموثاوس الثاني معمودية الكاثوليك؟
رفض القديس ساويرس تمامًا الشركة مع الخلقدونيين، وقال في رسالته لكهنة الإسكندرية (516–518م): “الاتصال بالهراطقة غير لائم، طالما لم يصل إلى شركة الإيمان”. كما دحض في كتابه ضد يوحنا النحوي جميع محاولات التبرير لمجمع خلقيدونية، واعتبرها هرطقة عديمة التقوى.
س4: هل توجد قوانين للبابا خريستوذولس تمنع إعادة معمودية الكاثوليك؟
القانون 27 من قوانينه ينص: “لا يُسمح بزواج الأرثوذكسي من ملكانية إلا بعد التكلل عندنا، ولا يعمدوا أولادهم إلا عندنا”.
- يُقصد بالملكانيين في زمنه الروم الأرثوذكس، إذ لم يكن للكاثوليك وجود في مصر حينها.
- القانون يشترط إجراء جميع الأسرار في الكنيسة الأرثوذكسية فقط.
- قبول الزواج كان لأسباب رعوية، وأُلغي لاحقًا بواسطة البابا غبريال بن تريك.
س5: ماذا يقول مخطوط “الطب الروحاني” عن معمودية المنشقين؟
يفرق النص بين من انشق بسبب “عوائد سنن” أو “أقوال بسيطة”، وهؤلاء فقط لا تُعاد معموديتهم. أما من خالف في العقيدة، كالكاثوليك في قضية انبثاق الروح القدس، فلا يشملهم هذا الاستثناء.
ويشترط النص الإيمان الكامل بصيغة قانون نيقية بدون تحريف، مما يعني رفض الكاثوليك الذين أضافوا “والابن” إلى النص.
س6: ماذا تقول قوانين نيقية والمجامع اللاحقة عن سيامة الهراطقة ومعموديتهم؟
قانون نيقية التاسع يؤكد بطلان سيامة من ارتُكبت مخالفات عقائدية في حقهم، وبالتالي من رُسموا ككهنة كاثوليك لا يُعتبرون كهنة عندنا، ومعموديتهم غير مقبولة.
كما أن قانون مجمع القسطنطينية الثاني قسّم المبتدعين إلى قسمين: قسم تُقبل معموديته بعد صك رفض، وقسم يُعاد تعميده، ومنهم الأريوسيين والمونتانيين. ويندرج الكاثوليك تحت القسم الثاني بسبب:
- مخالفتهم لطريقة المعمودية الأرثوذكسية (عدم التغطيس).
- إيمانهم بعقائد مستحدثة مثل المطهر، الحبل بلا دنس، وصكوك الغفران.
- مفهومهم حول انبثاق الروح القدس يخالف التمايز الأقانيمي، ما يُعد بدعة.
لذلك ووفق المجامع، وعقيدة الكنيسة، وسِيَر الآباء، لا يمكن قبول معمودية الكاثوليك، بل تُعاد كشرط للدخول في حضن الكنيسة الأرثوذكسية.
بقلم: دياكون ديسقوروس
Share this content: