قصص لم تحدث قط

تنتشر في بعض الأوساط المسيحية الشعبية قصة خيالية تُروى على أنها من التراث، تزعم أن ديماس اللص التائب التقى بالعائلة المقدسة أثناء هروبها إلى مصر. لكنها في الحقيقة، مجرد أسطورة لا أساس لها من الصحة، ومليئة بالخرافات التي لا تتفق مع العقيدة الأرثوذكسية.

تقول الأسطورة:

“مقابلة الطفل يسوع مع اللص ديماس لم تكن المقابلة الأولى على الصليب، بل ألتقيا قبل هذا اللقاء عندما سافر ديماس وأوماخوس إلى تل بسطا في الزقازيق حيث كانوا يقطعون الطرق على القوافل. وكان باراباس معهم في المراقبة، ورأى العائلة المقدسة، لكنه خاب أمله عندما لم يرَ عليهم مظاهر الثراء.

لكن ديماس تأمل في هذه العائلة الصغيرة وابتدأ يتحدث مع يوسف النجار، فحكى له عن بشارة الملاك والميلاد العجيب والهروب إلى مصر. فرقّ قلب ديماس وقرر أن يسمح لهذه العائلة بالمرور دون أذية، ودفع فدية ٣٠٠ دينار لصديقه مقابل ذلك. قبّل الطفل يسوع، وأعطته العذراء مريم شالاً كمكافأة، بدأ يقطر منه طيب الناردين، فباعه بأرباح كبيرة. ويقال إن آخر زجاجة من هذا العطر سكبتها المرأة على قدمي المسيح في بيت سمعان.”

انتهت الأسطورة، لكن مروّجيها يحاولون إثباتها بذكر مخطوطة مزعومة:

*(هذهَ القصة لم تُذكر في التاريخ الكنسي، ولكنها جاءت في المخطوطة 298 المحفوظة في أحد المتاحف).*

لكن الحقيقة أن:

  • المخطوطة المشار إليها هي من القرن الخامس عشر، محفوظة في المتحف القبطي تحت قسم الطقوس، وليست مصدراً تاريخياً موثوقاً.
  • القصة تعود إلى ما يُسمى بـإنجيل الطفولة العربي المنحول، وهو نص غنوسي مزور.

“ثم رحلا وصلا إلى مأوى لصوص… فسمع هؤلاء اللصوص ضجة عظيمة… فهربوا مذعورين… وعندما سألوا يوسف عن هذا الملك أجاب: «إنه يتبعنا».”

خرافات أخرى من الأناجيل المنحولة:

  • المعلم الذي أمر الطفل يسوع بقول “بيت” بعد “ألف”، فعاقبه يسوع فتيبست يده ومات.
  • قتل الطفل يسوع لأطفال آخرين لأنهم أغضبوه أثناء اللعب.
  • إظهار المسيح ككائن ساحر متكبر سريع الانتقام.

هذا العرض المشوّه لصورة المسيح، خاصة في طفولته، لا يمت للحق بصلة. فكاتب هذه المخطوطات كان من الغنوسيين الذين أرادوا تقديم صورة غير حقيقية عن المسيح تتفق مع فلسفاتهم المنحرفة، مستخدمين أساليب خيالية مضادة للذوق والعقيدة والمسيحية الحقيقية.

يقول هوك رونالد عن إنجيل الطفولة لتوما:

“هذا الإنجيل مليء بالخرافات والخزعبلات التي اختلقها مسيحي غنوسي إيماناً منه أن هذا سيزيد من عظمة المسيح، لكن يظهره في صورة طفل ساحر قاسٍ، ينتقم ويعاقب بلا هدف أخلاقي أو إنساني.”

خاتمة

هذه الأناجيل الساذجة لم تعترف بها الكنيسة منذ البداية، بل رفضتها وفضحت زيفها. لذلك، لا يصح مطلقاً أن نذكر أو نتداول مثل هذه القصص الملفقة أثناء احتفالنا بدخول المسيح أرض مصر.

دياكون ديسقوروس

لقراءة المزيد:

  • كتاب أبوكريفا العهد الجديد: كيف كُتبت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟ – القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
  • مختارات من تفسير الآباء القديسين لقراءات أسبوع الآلام – يوسف حبيب – 1967
  • موقع د. غالي – مقال عن إنجيل الطفولة

Share this content:

من admin2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *